الحمد لله الواحد العزيز والصلاة والسلام على خير المرسلين وعلى آله وصحبه والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
ها هي الحرية الغربية المزعومة تكشف عن وجهها القبيح مرة أخرى, وتكشف عن الرغبة الحقيقية للنيل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن مكانته الشريفة ومنزلته الرفيعة عند أتباعه من المسلمين الذين صدقوه وبايعوه وآمنوا به, ها هي الحقائق تتكشف وتبطل حججهم الواهية, فقد كانوا يقولون إنهم لم يريدوا الإساءة إلى شخص الرسول صلى الله عليه وسلم بل أرادوا انتقاد الإرهاب, فإن صدق ادعاؤهم هذا -وهم الكاذبون المفترون- فلمَ تزوير الحقائق, وتلفيق التهم واختراع الأكاذيب ووضع الروايات التي تنال من شرفه صلى الله عليه وسلم؟ لمَ الحديث عن زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم؟ لماذا الخوض في هذا الجانب بالذات؟ وما شأن هذا الجانب بالسياسة؟ وما شأن هذا الجانب بما يسمونه إرهابًا -وهم والله من صنع الإرهاب وصدّره لنا وتاريخهم مليء بهذه الأحداث الإجرامية الإرهابية-؟
لقد زوروا التاريخ ووقائعه ووثائقه الثابتة التي لا تقبل الشك ولا التأويل, وحرفوا النصوص ومضمونها ومعانيها, وتستروا وراء حرية التعبير الكاذبة. لقد قلبوا الحقائق فصوروا صاحب الحق إرهابيا والإرهابي ضحية. إن هذه النظرة العدائية للإسلام والمسلمين لها أسبابها ومسبباتها ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
- انتشار الصحوة الإسلامية في البلاد الإسلامية والعربية, وهذا وإن كان ظاهرا لا يؤثر عليهم إلا أنهم يعرفون أن هذه الصحوة ليست مظاهر فقط ولكنهم درسوا التاريخ جيدا وتعلموا منه واستقوا منه العبر والفوائد -على خلافنا فنحن لا نقرأ تاريخنا وإن قرأناه لا نفهم منه شيئا-, وحللوا النفسية والعقلية المسلمة وأدركوا جيدا أن هذه الصحوة سيتبعها صحوة فكرية وعلمية وعملية وبالتالي ستكون هناك خطوة تقدمية لعالمنا العربي والإسلامي وإن عارض الحكام, وهذا بلا شك يقلقهم ويقضّ مضاجعهم ويؤجج مشاعر الحقد والكراهية لديهم, فهم يخشون أن يعود المسلمون إلى سابق عهدهم فتقود الأمم ويصبحون هم مقودون لا قادة, ومع أن هذه قد تكون نظرة تفاؤلية منا, إلا أنهم تعودوا أن يحسبوا حساب كل شيء ولو كان نسبة احتمال وقوعه بسيطة.
_ كما أن هذه الصحوة الإسلامية ستؤثر بالضبط على صورة المسلمين في الغرب, فهم يعمدون تصويرنا على أننا متكاسلون متخاذلون وجاهلون ومتخلفون عن مسايرة التقدم العلمي والتقني الهائل الذي تعيشه أوروبا هذه الأيام وأن الإسلام هو سبب هذا, ومع هذا فإن الكثير من الأوربيين يدخلون في الإسلام, وبالتالي فإن تغير هذه الصورة سيدفع الكثير من الغربيين إلى الدخول فى الإسلام طواعية واختيارا لا إجبارا وإكراها.
_ يخشى هؤلاء الغربيون المتنطعون من كثرة المهاجرين المسلمين إلى أوروبا, ويخشون مما يسمونه أسلمة أوربا, وهو نفس السبب الذي يعرقل انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوربي منذ سنين طويلة مع أن تركيا تلبي جميع مطالبهم, وهذا لأن الاحتكاك المباشر بين المسلمين وغيرهم سيساهم بصورة كبيرة في محو هذه الصورة المقيتة التي صورنا بها هؤلاء المتنطعون الغربيون المتدثرون بدثار الحرية والديمقرطية.
_ كما أن توغل اللوبي الصهيوني في وسائل الإعلام الغربية بصورة رهيبة لها يد طولى فى هذا الأمر , فهذا اللوبي الصهيوني يسيطر على الاقتصاد والإعلام في هذه الدول وأيضا على السياسات الداخلية والخارجية, هذا اللوبي الصهيوني يحاول بث الرعب من الإسلام في كافة الأوساط الغربية ويستغل الإعلام لهذه المهمة القذرة.
لكل هذه الأسباب يحاول هؤلاء المتنطعون الذين يريدون المزيد من الصدام بين الغرب والإسلام, ويعملون على تزكيته, لكي يستغلوا هذا في تشويه صورة الإسلام بصورة أكبر, ولهذا عندما فشلوا فى استفزاز المسلمين ليقوموا بأعمال عنف انتقامية بعد بث فيلم (فتنة), نجدهم اليوم يعلنون عن فيلم جديد يسيء أكثر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وينال من شرفه صلى الله عليه وسلم, ويتكلم عن زوجات الرسول رضوان الله عليهم بما لا يليق أن يتكلم به شخص عاقل يحترم الآخرين.
إن تزوير الحقائق للنيل من شرف الرسول صلى الله عليه وسلم لهو كارثة جديدة وإساءة لا يستطيع أحد منا أن يقبلها على نفسه أو أهله فكيف بالصادق المصدوق محمد صلى الله عليه وسلم؟ وكيف إن كانت من يتحدثون عنها هي عائشة بنت أبي بكر الصديق رضى الله عنهما, التي أنزل الله فيها قرآنا يتلى إلى يوم الدين ليبرئها؟
إن هذه الإساءة الجديدة لهي محاولة استفزازية جديدة, فالأزمة كل يوم في اتساع والفجوة تزداد, والغريب أنهم يتهمون النبي الكريم صلى الله عليه وسلم اتهامات منتشرة في مجتمعهم بصورة رهيبة ولا يستطيعون أن ينكروا ذلك أو يخفوه, ولكن هذه عادتهم دائما, وهذا هو حقدهم وكرههم للإسلام والمسلمين.
إن هذه الهجمة الغوغائية التي لا تمت لا للعقل ولا للحرية بمنطق يجب الوقوف فى جهها بكل ما أوتينا من قوة. وأؤكد أن كل الطرق والوسائل مهمة ولا نستطيع أن نستغني بإحداهن عن الأخرى, فللعلماء دورهم ووسيلتهم وللكُتّاب دورهم ووسيلتهم وللحكام دورهم ووسيلتهم وللشعوب دورها ووسيلتها ولكلٍّ دوره ووسيلته.
علينا أن نهتم بالإعلام كثيرًا؛ لأنه هو السلاح الأقوى الذي يستخدمونه في هذه الهجمة الشرسة, الإعلام بكل وسائله من صحف ومواقع إلكترونية ومحطات فضائية ومدونات خاصة للشباب, والتي أتوقع أن يكون لها دور كبير في هذه الهجمة شرط أن تكون باللغات الأجنبية وخاصة الإنجليزية, كي يتم التفاعل والاحتكاك الفكري بين الشباب المسلم وغيره من الشباب الغربي.
والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل.