تصريح رئيس أركان الجيش الأمريكي قبل فترة، حيث قال: (إن اشتراك أمركا في حرب ثالثة يعني إدخال الاضطراب إلى صفوف الجيش الأمريكي.. الخ؛ هذا التصريح له أبعاد سياسية متعددة.
وقبل أن نأتي إلى ذكر شيء من هذه الأبعاد لا بد لنا من كلمة حول سياسة أمريكا الخارجية: فأميركا اعتادت وهي تتطلع إلى سيادة العالم- عندما تقوم بتحقيق مصلحة أوالمحافظة على مصلحة أن تنجز ذلك بعمل عسكري، وشواهد ذلك كثيرة.
ولكن عندما ظهر اختلال في التوازن الدولي واضطراب على الموقف الدولي تبين أن أي عمل عسكري تقوم به إنما يوقعها في ورطة.
فها هي تعاني من ورطتها في العراق وفي أفغانستان، وإذا أضفنا إلى كل هذا موضوع البرنامج النووي الإيراني، ومواقف أوروبا والتهديديات المتتالية من إسرائيل وإصرارها على منع إيران من امتلاكها سلاحاً نووياً؛ نرى أن تصريح رئيس الأركان الأمريكي المذكور يكون من أهم أبعاده السياسية موضوع برنامج إيران النووي، فتهديدات إسرائيل كانت مشفوعة بمناوراتها في البحر المتوسط قبل أسبوعين حيث اشتركت مئة طائرة حربية إسرائيلية مقاتلة في هذه المناورات، مع التصريح بأنها مناورات للاستعداد لضرب منشآت إيران النووية.
وسبق ذلك أن قامت الطائرات لاإسرائيلية عبر تركيا بضرب ما يقال إنه منشأة نووية سورية في دير الزور. ويرى المراقبون أن هذه الضربة هي (بروفة) لضرب منشآت إيران النووية.
ولذلك فأميركا لا بد أن يكون لها موقف لحماية ذراعها الفاعل في المنطقة، وهي إيران، أما ما يشاع إعلامياً من أن أمريكا ستضرب إيران، فما ذلك إلا ليبقى زمام المبادرة في يدها، فمن الممكن أن تقوم أمريكا بالاتفاق مع إيران على ضربة هامشية لإيران لإجهاض المخطط الأوروبي الإسرائيلي لضرب إيران.
فمن الدلالات السياسية لهذا التصريح أن أمريكا في ورطة جراء أعمالها العسكرية سواء في العراق أو في إيران. كما ينبئ هذا التصريح أن الفشل هو حليف السياسة الأمريكية لتراكم المشاكل وتعقيدها واستعصائها على الحل، كما يشير هذا التصريح إلى أن المواجهة السياسية بين أمريكا واوروبا إنما تسير في تقدم مطرد لصالح أوربا.
فكيف بها عند قيام دولة الخلافة قريبا وقد أصيبت سفاراتها وسياسيوها بشكل تام، واصطدمت بأزمة بترولية حادة تسد عليها كل تفكيرها.
إنها بدايات النهاية لعظمة أمريكا.