الكركـــــم
يعتبر الكركوم من التوابل الطبية التي تتعدد استعمالاتها نظرا لمذاقه ولونه، ونظرا لخصائصه الحافظة، والكركوم يصنف مع التوابل الجذور كالزنجبيل والثوم، ويمتاز الكركوم بلونه الذي جعله يستعمل في تلوين بعض المواد الغذائية، لتحسين جودتها الحسية، ويمتاز بكونه نبات طبي أكثر من كونه منكها للمأكولات خصوصا المطهية. ويعرف الكركوم في الطب الهندي والصيني في علاج كثير من الأمراض، وكان يسمى الزعفران الهندي، وقد استعمل لصباغة الصوف والقطن إلى جانب الحناء والزعفران، ولم يعد يستعمل حاليا إلا مع التوابل كمنكه وكملون طبيعي.
من الاستعمالات المعروفة في الميدان العلاجي، والتي أجريت حولها أبحاث مركزة، ما لا يمكن ذكره في هذه الورقة، لكن سنكتفي بالأعراض التي يمكن أن يساعد الكركوم على إزالتها، أو تخفيفها، ويعزى الأمر إلى مكوناته الطبية التي سنتطرق إليها.
مزيل قوي للألم
يمثل الجزء المبتخر أو الطيار من الكركوم أقوى جزء طبي من المكونات الأخرى، وهو الجزء المسؤول عن تهدئة الألم. ويحتوي الكركوم على مادة ملونة بالأصفر، وهي من المركبات الطبية الهائلة، وتدعى هذه المادة الكركيومين. وهذا المركب يزيل الألم بنفس الفاعلية التي تعطيها العقاقير الكيماوية المزيلة للألم، ومنها الهايدروكورتيزون والفينيلبيتازون، وبعض المهدئات الأخرى كالمورتين. لكن مزية الكركوم أنه طبيعي، وليست له أعراض جانبية، على عكس العقاقير التي لها أعراض جانبية خطيرة، كالتقرحات المعدية، وخفض خلايا الدم البيضاء وجروح في الأمعاء.
علاج التهاب الأمعاء
يمثل الكركوم أحسن وأرخص دواء طبيعي للأمعاء، بما في ذلك التهاب كروهن والتقرحات المعوية عامة، ورغم الأبحاث الكثيرة التي أجريت على الحيوانات المخبرية، فإن التفسير العلمي لفاعلية الكركوم على الأمعاء، لم يعرف بعد، ولاتزال العلوم في طور الدراسة لمعرفة الكيفية التي يقي بها الكركوم الأمعاء من التقرحات، وكيف يبقي الخلايا المعوية نشطة. بعض المحاولات تقترح أن يكون الحادث ليس لوجود الكركيومين المضاد للأكسدة، وإنما تعزى لكبح العامل المسب للإلتهاب والذي يسمى NF kappa-B وهو العامل الذي يجعل الخلايا المعوية تصاب بالالتهاب من جراء الجذور الحرة، والمواد السامة الأخرى المنحدرة من الاستقلاب. ومما يعطي للكركوم الضمانة في الاستعمال هو إمكانية تناوله بكمية كبيرة دون أي ضرر.
التهاب المفاصيل والريوماتيزم
من الخصائص التي تجعل من الكركوم دواءا، هو احتوائه على مادة الكركيومين المضادة للأكسدة، وبما أن الجذور الحرة هي المركبات التي تنتشر في الجسم، لتسبب التهابات منها المفاصل وأماكن أخرى، فإن حبسها أو إيقافها يكبح أو يزيل هذه الأعراض. ومن المسلم أن مادة الكركيومين تكبح هذه الجذور الحرة، لتبطل كل الآفات التي تترتب على انتشارها في الجسم، ونعلم أن الجذور الحرة تسبب كثيرا من الأمراض والأعراض بما في ذلك السرطان، لأنها تصيب غلاف الخلايا، وتثقل النشاط التبادلي بين الخلايا، وتبادل الأنزيمات وجل الأنشطة الفايزيولوجية. ويؤدي الكركوم نفس المفعول الذي تؤديه العقاقير مثل الفاينيلبيتازون.
منع السرطان
تكلمنا سابقا عن تصدي الكركيومين للجذور الحرة على مستوى خلايا القولون، والجذور الحرة هي التي تقوض الحمض النووي. ونظرا لتردد الانقسام والطفرات في الحمض النووي لخلايا القولون، فإن ظهور خلايا سرطانية يكون سهلا جدا. وتلعب الكركيومين دور الحافظ من هذه الطفرات، من حيث تخرب الخلايا المتطفرة في الجسم، وتحول دون انتشارها في أعضاء الجسم. علاوة على تنشيط الكبد. وتقوية الأنزيمات المكلفة بإزالة السمومDetoxification . ويدخل الكركوم ضمن لائحة المنتوجات الطبيعية التي تدخل في علاج السرطان وللكركوم خصائص طبية هائلة لا يمكن أن تنكر، وتناوله يوميا يجب أن يكون بانتظام ولو على شكل توابل.
كبح الخلايا السرطانية
إن استهلاك الكركوم بانتظام يخفض من احتمال الإصابة بسرطان الثدي والبروستاتا والرئة والقولون. وقد وضحت التجارب المخبرية أن الكركوم يمنع الخلايا السرطانية من النمو، لتصبح تورمات، ويساعد الكركوم كذلك على الحد من انتشار السرطان في الحالات التي يكون فيها في طور متقدم أو طور الورم.
ويعمل الكركيومين الموجود في الكركوم على كبح نشاط العامل NF-kappaB وهي الجزيئة التي تقوم بأمر الجينات المسؤولة عن الالتهاب في الخلايا بإفراز الجزيئات الالتهابية بما في ذلك TNF و COX-2 و IL-6 وهي العوامل التي تمهد لنمو الخلايا السرطانية. وجاءت نتائج علمية تزكي وتبين كذلك أن الكركوم يمنع نمو التورمات السرطانية، ويكون هذا الحادث عبر رفع الأبوبتوز بالنسبة لسرطان الرئة. وهناك أبحاث جارية حول كبح سرطان البنكرياس والحلقوم وبعض التورمات الجلدية.
ويساعد الكركوم على الحد من سرطان الدم عند الأطفال، وهو السرطان الذي بدأ ينتشر بكثرة وبسرعة نظرا لتعرض الأطفال لعوامل هذا النوع من السرطان، ومنها العوامل البيئية ونمط العيش، وبما أن الأطفال تكون أجسامهم صغيرة فإن الكمية المسببة للسرطان تكون قليلة جدا، وربما يتعرض الطفل لهذه العوامل أثناء الحمل. وقد ظهر هذا النوع من السرطان بشكل ملفت للنظر، من حيث وصل إلى 50 بالمائة عند الأطفال دون سن الخامسة, وسيزداد نظرا لتلوت التغذية وانخفاض المناعة، وانعدام الرعاية النفسية، ونلاحظ أن الطفل أصبح يقضي أكثر من نصف حياته بعيدا عن أمه وأبيه. ونلاحظ أن الأطفال أصبحوا هدفا خطيرا لجل شركات إنتاج المواد الغذائية الغير الضرورية أو الترفيهية، ومنها الحلويات والبسكويتات والشكولاطة والقشدة والمواد اللبنية.
الكركوم وتنشيط الكبد
من الخصائص الإيجابية للكركوم أنه ينشط فايزيولوجية الكبد، ويعزى هذا الأمر حسب الدراسة التي أجريت على النمادج المخبرية إلى رفع مستوى الأنزيمات التي تحول دون تسمم الكبد بالمركبات السامة Xenobiotic chemicals ومن هذه الأنزيمات أنزيم UDP glucuronyl transferase وأنزيم Glutathione-S-transferase . وعلاوة هذه الخصائص ف‘ن الكركيومين مركب مذاد للأكسدة ويمنع تكون هذه السموم في الخلايا الكبدية، ويعمل الكركيومين على حبس الجذور الحرة على مستوى القولون وقد تكلمنا عن عامل cyclooxygenase-2 (COX-2) وهو ما يجعل الكركوم من المانعات لسرطان القولون.
الكركوم حافظ للجهاز الدموي
وبما أن الكركوم يحتوي على مكون قوي مضاد للأكسدة فإن تأسد الكوليستيرول لن يقع مع وجود هذا المكون وبالتالي فإن الأوعية الدموية ستبقى محفوظة، وكذلك خفض مستوى عامل الهومسيستاين الذي يتسبب في تخريب الجدار الداخلي للأوعية. ومن خصائص الفلافونويدات والبوليفينولات أنها تحفظ الأوعية الدموية، وتحول دون تأكسد الكوليستيرول، ويساعد استهلاك الكركوم كل الأشخاص المصابين بتصلبات الشرايين، أو الذين تكونت لديهم لوحات داخل الأوعية وأصبحت ضيقة، من حيث أصبح جريان الدم ضعيفا. ويمكن أخذ شراب الكركوم من جملة الأشياء التي يجب تناولها، ويمكن تقوية مفعول الفلافونويدات والبوليفينولات باتباع حمية خالية من اللحوم والألبان. ويسهل تناول الكركوم بالنسبة للمصابين بأمراض تتعلق بالقلب والشرايين، لأن الكركوم على شكل شراب يجعل الجسم يأخذ كمية عالية من الفلافونويدات الموجودة في الكركوم.
الوقاية من مرض الألزايمر
ربما تكون هناك مكونات أخرى لا تزال العلوم بصددها، أو وجود مركبات تتعامل مع بعضها ليكون مفعولها أكبر من مفعول المركبات لوحدها أو متفرقة، ويلاحظ أن الكركوم يمنع تآكل الخلايا الدماغية والحد من ظهور من الأمراض المتعلقة بشيخوخة الجهاز العصبي أو بفقدانه لخاصية التنسيق أو انتشار التيارات العصبية. ومن أهم هذه الأمراض مرض ألزايمر والباركينسن والتصلب اللويحي والصرع وكثير من الأمراض الأخرى التي تفقد الجسم تناسقه وتوازنه. ولاتزال هذه الخاصية غير مفهومة من الناحية العلمية، ولو أن هناك بعض المحاولات لمعرفة الكيفية التي يحفظ بها الكركوم الجسم من هذه الأمراض، وربما يكون حسب بعض التفسيرات لأن الكركون يكبح عامل IL-2 وهي جزيئة تلعب دورا أساسيا في تخريب مادة المييلين التي تقوم بتوصيل الإحسسات العصبية.
ربما تكون هذه الخصائص في نباتات أخرى، وربما تكون في توابل أخرى لكن المميز بالنسبة للكركوم هو إمكانية استهلاكه بكثرة بدون ضرر أو أ‘راض جانبية، وربما يكون النبات الوحيد الذي لا يسبب أي ضرر ولو يستهلك طول العمر وبكمية تفوق الكمية التي يضاف بها إلأى الأغذية لتنكيهها أو تلوينها. والكركوم يستعمل في الأكل كمادة ملونة طبيعية وحافظة كذلك للأغذية من التحلل الجرثومي. ويجب ألا يخلط الناس بين التوابل الطبيعية التي تعالج الجسم وبين الملونات الكيماوية التي تسمم الجسم. وأن يحذروا من الملونات الصناعية الكيماوية لأنها تعمل عكس ما تعمله التوابل الطبيعية في الجسم.